إخوتي قد يكون الموضوع طويل قليلاً لكنه هام جداً جداً
الناس في مضمار الخير
في مضمار الخير الواسع نجد الناس أنواعاً في السير فيه والانتساب له. وإذا نظرت إلى صنوف الناس هذه وجدتها على مراتب أربع.
الأولى:
من هو في عمل الخير كمولد الطاقة يبث الحيوية والحياة حوله، تفيض حيويته فيستنفر الناس، ويستثير العزائم، ويدفع للعمل، فحيثما وجدوا وجدت الحياة، وحيثما تحركوا دبت الحركة، فهم كالغيث إذا أصاب أرضاً اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، وهؤلاء هم أصحاب المبادرات والسبق إلى الفرص، وشغل الأماكن الشاغرة، وهم بعد ذلك درجات فيما بينهم، فمنهم من يحرك بطاقته أمة، ومنهم من يحرك دولة، ومنهم من يحرك بلداً، ومنهم من يحرك حياً، ولكن الجامع بينهم هو الاندفاع الذاتي، والمبادرة والإيجابية، وأهل التأثير في الأمة والخلود في التاريخ هم هذا النوع من الرجال، وكان جيل الصحابة رضي الله عنهم مزدحماً بهذه النوعية المتميزة، وفي فلك التاريخ منهم كواكب نيـرة، وهل كان ابن المبارك والثوري والشافعي وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب وحسن البنا وابن باديس وابن باز إلا زينة هذا الصنف وأنموذجه الأعلى، وهذه الفئة هم أهل (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها) وهم (الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) وهم الذين يجددون لهذه الأمة أمر دينه. وهؤلاء بأعلى المنازل.
[size=16]
المشاركون في كل عمل خير، وهؤلاء ليس لديهم مبادرة الصنف الأول ولا قدرته على اهتبال الفرص وإيجادها لكنهم يبذلون من أنفسهم وأوقاتهم وجهودهم فيما يلوح أمامهم من مشاريع الخير وأعماله القائمة، وهم مع الصنف الأول وحوله، يعملون مع غيرهم ويقل عملهم بأنفسهم، وهؤلاء وإن كانوا دون الصنف الأول مبادرة وسبقاً إلا أنهم جيش الإسلام ورجال العمل الذين تجتمع من مجموع جهودهم الإنجازات الكبار، فهم الأتقياء الأخفياء (إن كان أحدهم في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذنوا لم يؤذن لهم وإن شفعوا لم يشفعوا فطوبى لهم) هم الذين ذكروا لعمر شهداء في بعض الغزوات فقيل له وآخرون -يا أمير المؤمنين -لا تعرفهم، فبكى وقال : (وما يضرهم ألا يعرفهم عمر، لكن الله يعرفهم).
وهؤلاء وإن كانوا لا يحركون غيرهم لكنهم يتحركون مع غيرهم، وإن كانوا لا يقودون الأعمال لكنها لا تقوم إلا بهم، فهم على خير وإلى خير .
[size=16]
الثانية:
المشاركون في كل عمل خير، وهؤلاء ليس لديهم مبادرة الصنف الأول ولا قدرته على اهتبال الفرص وإيجادها لكنهم يبذلون من أنفسهم وأوقاتهم وجهودهم فيما يلوح أمامهم من مشاريع الخير وأعماله القائمة، وهم مع الصنف الأول وحوله، يعملون مع غيرهم ويقل عملهم بأنفسهم، وهؤلاء وإن كانوا دون الصنف الأول مبادرة وسبقاً إلا أنهم جيش الإسلام ورجال العمل الذين تجتمع من مجموع جهودهم الإنجازات الكبار، فهم الأتقياء الأخفياء (إن كان أحدهم في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذنوا لم يؤذن لهم وإن شفعوا لم يشفعوا فطوبى لهم) هم الذين ذكروا لعمر شهداء في بعض الغزوات فقيل له وآخرون -يا أمير المؤمنين -لا تعرفهم، فبكى وقال : (وما يضرهم ألا يعرفهم عمر، لكن الله يعرفهم).
وهؤلاء وإن كانوا لا يحركون غيرهم لكنهم يتحركون مع غيرهم، وإن كانوا لا يقودون الأعمال لكنها لا تقوم إلا بهم، فهم على خير وإلى خير .
الثالثة:
فريق من الصالحين لا تُستنهض هممهم ولا تُشحذ عزائمهم بكل أنواع الاستثارة والاستنفار، فهم على صلاحهم قد أخلدوا إلى الأرض وكفوا أيديهم، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحلون الحلال ويحرمون الحرام ثم لا يزيدون على ذلك شيئً.
فمهما بذل معهم من جهد لرفعهم إلى المبادرة أو المشاركة امتصه برود عزائمهم، وفَقد أثره فور مروره على مسامعهم، والجهد الذي يبذل معهم هو في حفظهم أن يهنوا أو يتهاونوا أو يفرطوا، أما انتظارهم فإنه يقطع السائرين ويستنفذ جهود العاملين وقلما يجدي في زحزحتهم عن مواقعهم.
وهؤلاء وإن قصروا عن سابقيهم في المبادرة والعمل فإنه يحمد لهم إقامة شعائر الدين، وصلاح حالهم في أنفسهم، وسلامة غيرهم منهم، فهم المسلمون الذين سلم الناس من ألسنتهم وأيديهم، وهم المؤمنون الذين أمنهم الناس، وهم المهاجرون الذين هجروا ما نهى الله، فهم في حالهم على خير.
صنف لديهم انتساب للخير ولكن في حرصهم عجز، وفي رغبتهم نقص، وفي تصورهم تشوه، هم مع انتسابهم للخير إلا أنك تفقدهم في مواقف العمل، ولا تجدهم في مواقع الإنجاز، ولكنهم لا يرضون بذلك فيصرون على الحضور ولكن بشكل آخر وهو رمي العاملين بالحجارة من خلفهم، والنقد التهشيمي لإنجازاتهم.
تفاجئهم الإنجازات ويقيدهم عجزهم عن المشاركة فيه.
فهم لا يستطيعون إقامة الإنجاز ولا يرضون أن يقيمه غيرهم فينشغلون بتحطيم المنجزات ويبذلون في ذلك جهدًا يكفي بعضه لإقامة إنجاز كبير أو أكبر، وكأنما هم حينما عجزوا أن ينجحوا نذروا أنفسهم لإثبات عدم نجاح غيرهم.
إن هذه الفئة موجودة في مسيرة العاملين المصلحين وكأنها ملازمة لإنجازهم ومعلنة عن نجاحهم.
يوجد هؤلاء ونصيبهم من الوصاة بالصدقة أن يكفوا شرهم عن الناس فإنها صدقة منهم على أنفسهم.
فمهما بذل معهم من جهد لرفعهم إلى المبادرة أو المشاركة امتصه برود عزائمهم، وفَقد أثره فور مروره على مسامعهم، والجهد الذي يبذل معهم هو في حفظهم أن يهنوا أو يتهاونوا أو يفرطوا، أما انتظارهم فإنه يقطع السائرين ويستنفذ جهود العاملين وقلما يجدي في زحزحتهم عن مواقعهم.
وهؤلاء وإن قصروا عن سابقيهم في المبادرة والعمل فإنه يحمد لهم إقامة شعائر الدين، وصلاح حالهم في أنفسهم، وسلامة غيرهم منهم، فهم المسلمون الذين سلم الناس من ألسنتهم وأيديهم، وهم المؤمنون الذين أمنهم الناس، وهم المهاجرون الذين هجروا ما نهى الله، فهم في حالهم على خير.
الرابعة:
صنف لديهم انتساب للخير ولكن في حرصهم عجز، وفي رغبتهم نقص، وفي تصورهم تشوه، هم مع انتسابهم للخير إلا أنك تفقدهم في مواقف العمل، ولا تجدهم في مواقع الإنجاز، ولكنهم لا يرضون بذلك فيصرون على الحضور ولكن بشكل آخر وهو رمي العاملين بالحجارة من خلفهم، والنقد التهشيمي لإنجازاتهم.
تفاجئهم الإنجازات ويقيدهم عجزهم عن المشاركة فيه.
فهم لا يستطيعون إقامة الإنجاز ولا يرضون أن يقيمه غيرهم فينشغلون بتحطيم المنجزات ويبذلون في ذلك جهدًا يكفي بعضه لإقامة إنجاز كبير أو أكبر، وكأنما هم حينما عجزوا أن ينجحوا نذروا أنفسهم لإثبات عدم نجاح غيرهم.
إن هذه الفئة موجودة في مسيرة العاملين المصلحين وكأنها ملازمة لإنجازهم ومعلنة عن نجاحهم.
يوجد هؤلاء ونصيبهم من الوصاة بالصدقة أن يكفوا شرهم عن الناس فإنها صدقة منهم على أنفسهم.
بقي أن نتساءل بعد: هذه صنوف الناس. فمن أيهم نحن؟؟؟؟
[/size]